بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات . وبنوره أشرقت الأرض والسموات.
وصل اللهم على عبدك ونبيك محمد بن عبد الله وعلى آله وأزواجه وذريته.
وبعد..
فهذه مدونتي التي أسأل الله تعالى أن يجعلها هدى ونورا لمن يطالعها ، ويتقبلها علما ينتفع به وينير لي قبري ويشفع لي عند ربي ويقربني من رسولي محمد يوم يقوم الناس لرب العالمين .
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ..
وكتب العائذ بالله الفار منه إليه
أبي عبد الله محمد بن عبد الحكيم القاضي السلفي الأثري
عفا الله عنه وعن والديه

السبت، 8 أكتوبر 2011

السلفية الجهادية .. ملاحظات على المفهوم



السلفية الجهادية .. ملاحظات على المفهوم

الحكم على الشيء فرع عن - أو على – تصوره ؟ .. هذا مبدأ منطقي قديم يتجدد دوره وتزداد قيمته كل يوم.

فالتصور والإدراك هو أهم شيء في الحكم ، وهذا هو شبب البلاء عند كثير من الذين يتصدَّون للحكم على الأشياء أو الأفكار وأو المناهج أو الأشخاص، فكثير منهم يتصدى لهذه الأحكام بدون التسلح بأهم سلاح مبدئي ، وهو (التصور الصحيح عن هذا الشيء أو الشخص) ذلك التصور الذي يجلي الصورة الحقيقية واضحة وبناء عليها يكون الحكم.

فهؤلاء يحكمون على شيء آخر غير الشيء الذي يتعرضون للحكم عليه ، لأنهم تصوروه تصورا خاطئا.

ومن أهم تطبيقات هذه القاعدة العظيمة مفهوم (السلفية) فالأحكام من الشرق والغرب عليها جائرة لأنها تحكم على شيء آخر غير السلفية؛ لقصور التصور والإدراك الصحيح للمفهوم. وللأسف فقد أصبح بعض الإسلاميين مشاركا في هذا الخطأ فهو أيضا يحكم على السلفية نتيجة لفهم غير صحيح لها.

ولن يكون كلامي هنا عن السلفية بمفهومها الكبير فلعل لذلك موضعا آخر قريبا إن شاءالله.

ولكن الذي سأنظر فيه الآن هو مصطلح غزا الساحات الفكرية وأطلق عليه اسم (السلفية الجهادية) ... فلتتجه نظرتنا الفاحصة إليه ولننظر مدى دقة هذا المصطلح بعيدا عن الفضفضة الإعلامية والزخرف اللفظي.

أي مصطلح من المصطلحات إما أن يرجع إلى الفكرة التي نبع منها أو من القائمين عليها، وبتطبيق ذلك على مصطلح السلفية الجهادية نقول: ما الفكرة التي يمكن أن تكون وراءه أو من القائمين عليها؟

في دين الله هناك سلفية .. هذا أمر مستقر لا خلاف عليه .. والسلفية هي الاتباع، وعدم الابتداع؛ سواء في المعتقد أو في العبادة والتشريع أو في المنهج العملي الذي سلكه السلف بناء على معتقدهم ومنهجهم الفقهي.


فهذا الاتباع هو اتباع كامل في كل الميادين، في التكاليف الشرعية وطريقة التلقي ومنهج العمل فضلا عن الاعتقاد.


ولا شك أن الجهاد والصلاة والصوم والحج والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة بالوعظ والتذكير والكتابة والمنتديات الخ الخ. كل ذلك من تطبيقات هذا الاتباع.


وهنا تأتي تساؤلات:


الأول: من الذي خص الجهاد بين هذه الفروض بمصطلح خاص؟


وهل هناك إذن سلفية صلاتية وسلفية صومية وسلفية دعوية وسلفية شبكية عنكبوتية (يعني مهتمين بالدعوة من خلال الشبكة) .... الخ

والصواب: أن الجهاد فريضة كسائر الفرائض والسلفية فيه كمثلها في غيره اتباع مطلق لله ورسوله في احكامه وآدابه .. ولذلك فالسلفية هي جهادية صلاتية صيامية علمية دعوية كل ذلك لأنها اتباع متكامل لا تجزئة فيه.

ومن هنا يكون تخصيص السلفية بالجهادية دون سائر الفرائض والتكاليف شيئا غريبا على معنى السلفية المتكامل ومخادعا في نفس الوقت . وهو الذي حدث في واقع الأمر...

وهنا يأتي الإجابة عن التساؤل الثاني متضمنة إياه وهو (متى إذن نشأ هذا المصطلح؟):

فمصطلح السلفية الجهادية قصد به منذ نشأته نوعا من العمل الجهادي يعتز بنفسه مقابل المعنى التكاملي للسلفية ، فهو لم ينشأ إلا بعد أحداث هَدم بُرجَي التجارة الأميريكيين واسنهداف بعض رموز القوة العاتية المفسدة في الأرض متمثلة في هذه الدولة الباغية (أميريكا) .. يقول د. أكرم حجازي مؤرخا للمصطلح: "منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر التي استهدفت بعض رموز القوة في الولايات المتحدة وما بعدها برزت ظاهرة "السلفية الجهادية" كفاعل استراتيجي دولي مميز وفريد من نوعه سواء تعلق الأمر بالحدث السياسي أو بالحدث الأمني".

وهكذا امتلا الإعلام في الشبكة العالمية الإنترنت بهذا المصطلح ليشق ظهر السلفية إلى شطرين هما: السلفية العلمية، والسلفية الجهادية.

وكان السلفية هكذا طبيعتها.

وهذا من الخطأ الفادح والظلم القاسي لمفهوم السلفية ، لأنها كما أسلفت ليست إلا أصدق ممثل للإسلام كما قال الأستاذ الدكتور عبدالرحمن الزنيدي في كتابه (السلفية وقضايا العصر) المقدمة ص7. ومن ثم فأنا أدعو إلى عدم ترديد هذا المصطلح لأنه مصطلح مخاتل مخادع

ولا يقال: إننا نطلق هذا المصطلح على الذين يهتمون بالجهاد لظروف محددة فقد كان هناك مرابطون على مر العصور ولم يقولا إسلام جهادي أو سلفية جهادية ، والدليل على ذلك أيضا أننا لا نقول : سلفية صومية أو عبادية للذين يهتمون بهذه التكاليف بصورة واضحة ... وإنما هي سلفية واحدة متكاملة .. وهؤلاء يسمون مجاهدين أو مرابطين أو عباد أو دعاة .... الخ. وكلهم تحت مسمى السلفية العام ماداموا على المنهج السلفي في هذا كله...

أما إذا انحرفوا عنه كان يتحول المجاهدون إلى مبارزة أولي الأمر والثورة عليهم قولا أو فعلا. أو إعمال (جهادهم) في قتل الآمنين وترويعهم و إتلاف ممتلكات المسلمين الخ. أو أن ينحرف الدعاة إلى الدعوة للبدعة أو ترويجها أو التقليل من شأن أسس دعوة الرسل كالتوحيد والاتباع، الخ. فهذه انحرافات عن السلفية.

ولعل لي عودة خصوصا إذا كانت المداخلات في نفس الموضوع وليست خارجة عنه .


===

هناك 3 تعليقات:

  1. لا فض فوك شيخنا

    مقال قيم وكلام أصاب عين الحق

    هدى الله الجمبع

    سدد الله رميك ووفقك لكل خير

    ردحذف
  2. بارك الله فيك أيتها العنقاء الكريمة

    وحفظك من كل سوء

    ورزقك الرأي السديد والحياة المباركة

    ==

    ردحذف