بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات . وبنوره أشرقت الأرض والسموات.
وصل اللهم على عبدك ونبيك محمد بن عبد الله وعلى آله وأزواجه وذريته.
وبعد..
فهذه مدونتي التي أسأل الله تعالى أن يجعلها هدى ونورا لمن يطالعها ، ويتقبلها علما ينتفع به وينير لي قبري ويشفع لي عند ربي ويقربني من رسولي محمد يوم يقوم الناس لرب العالمين .
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ..
وكتب العائذ بالله الفار منه إليه
أبي عبد الله محمد بن عبد الحكيم القاضي السلفي الأثري
عفا الله عنه وعن والديه

الاثنين، 3 أكتوبر 2011

قضية مهمة : دفاع عن منهج السلف في معرفة الله تعالى ...



الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى ،،،،، وبعد:


من المعروف أن معرفة الله تعالى من أهم ما يجب على المؤمن
وأن هذه المعرفة لا تكون إلا بمعرفة أسمائه الحينى وصفاته العلا

وهي القضية التي ضلت فيها أفهام وزلت فيها أقدام
وتاه فيها عن الحق أقوام


ولعلنا نذكر كيفية التعرف على الله تعالى في مواطن تالية إن شاء الله لأهميته

لكن أذكر لكم الآن مظهرا من مظاهر ضلال الكثيرين من الخاصة - فضلا عن العامة - في هذه القضية..


فلقد شاع في كثير من البلدان الإسلامية وعند كثير من الدارسين للعقيدة فضلا عن العوام أن مذهب السلف الصالح في صفات الله تعالى هو التفويض، أي الإيمان بها بلا فهم لمعناها، وغنما تفويض هذا المعنى إلى الله تعالى دون الخوض فيه .

وهذا الفهم قديم ، فقد نسبه السبكي للسلف، وتبعه بعض أقطاب الجماعات الإسلامية في العصر الحديث لجهلهم بالمعتقد الصحيح .

وللأسف تسرب إلى طائفة من الدعاة المشهورين الذين لو كتبت أسماءهم لأفزعكم ذلك.

ولما كان هذا الأمر من الأهمية بمكان لاختلاط الأمور فيه أحببت توضيحه، فنقلت لكم هنا مقالة مختصرة للدكتور ماهر الشبل ملخص مفيد في هذا الموضوع

أرجو مطالعته والإفادة منه في تصحيح هذا الفهم الخاطئ الذي ساد الباحثين في بلاد كثيرة

قال د. ماهر الشبل:

- التفويض في اللغة : من فوض ، قال في القاموس : فوض إليه الأمر : رده إليه (1) .


وقال النووي : قال أهل اللغة : فوض إليه الأمر أي وكله ورده إليه ، وذكر الرافعي أنه جعلك الأمر إلى غيرك (2) .

- التفويض في الاصطلاح : صرف اللفظ عن ظاهره مع عدم التعرض لبيان المعنى المراد منه ، بل يترك ويفوض علمه إلى الله تعالى بأن يقول : الله أعلم بمراده (3) .

فيؤمن المفوضة بألفاظ القرآن والحديث من غير فقه ولا فهم لمراد الله ورسوله منها ،


و يحكمون بأن معاني نصوص الصفات مجهولة غير معقولة ، لا يعلمها إلا الله ، ويثبتون الصفات مع تفويض المعنى والكيفية .


- والتفويض عند القائلين به والمجوزين له ليس منهجاً مطرداً ذا صفة شمولية تتناول جميع نصوص الصفات ، كاتجاه التمثيل والتعطيل مثلاً ، وإنما هو معالجة موضوعية لطائفة من النصوص التي يستقل السمع بإثباتها دون العقل ، وتوهم لدى البعض مشابهة المخلوقين (4) .



- مبنى مقالة التفويض :


1- اعتقاد أن ظواهر نصوص الصفات السمعية تقتضي التشبيه ، حيث لا يعقل لها معنىً معلوم إلا ما هو معهود في الأذهان من صفات المخلوقين ، وبالتالي فإنه يتعين منعه ونفيه ، وهذه مقدمة مشتركة بين أهل التفويض والتأويل .


2- أن المعاني الواردة من هذه النصوص مجهولة للخلق لا سبيل للعلم بها ، بل هي مما استأثر الله بعلمه ، وهنا يفترق مذهب التفويض عن التأويل الذي يجوز الاجتهاد في تعيين معانٍ مجازية للصفات السمعية (5) .



و عمدة استدلالهم على المقدمة الثانية الوقف في قوله تعالى : ( وما يعلم تأويله إلا الله ) ، و وجه الاستدلال بها يتكون من شقين :


1- أن آيات الصفات من المتشابه .


2- أن التأويل الذي في الآية يقصد به صرف اللفظ عن ظاهره إلى معنى يخالف الظاهر .


والمحصلة : أن لآيات الصفات معنىً يخالف الظاهر لا يعلمه إلا الله .


ولقد غلطوا في المقدمتين ، فآيات الصفات من المحكم معناه ، المتشابه في كيفيته وحقيقته (6).


وأما معنى التأويل الذي ذكروه فهو اصطلاح حادث وإنما يأتي التأويل في القرآن بمعنى التفسير أو حقيقة الشيء الذي يؤول إليه .

* براءة السلف من بدعة التفويض :

مذهب السلف إنما هو تفويض الكيفية دون المعنى ، بمعنى أنهم يفهمون آيات الصفات وأحاديثها ويدركون معناها ، فيعلمون معنى الاستواء والنزول والفوقية والوجه والعين والقدم ونحوها ، ويفرقون بينها فيعلمون أن معنى الوجه غير معنى العين وأن معنى العين غير معنى النزول وهكذا ، ولكنهم يفوضون كيفية هذه الصفات إلى الله ، وهذا كما ثبت عن الأوزاعي وسفيان ومالك والليث بن سعد وغيرهم من السلف أنهم قالوا في نصوص الصفات : (أمروها كما جاءت بلا كيف) فهنا التفويض في الكيف لا في المعنى ، وكما قال ربيعة بن أبي عبدالرحمن ومالك لمن سأل عن الاستواء الاستواء غير مجهول ، والكيف غير معقول) فذكر هنا أن معنى الاستواء غير مجهول بل هو معلوم ، وإنما المجهول هو الكيف (7 ) .

وكما قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: - تعليقاً على كلام مالك في الاستواء - وهكذا سائر الأئمة قولهم يوافق قول مالك في أنا لا نعلم كيفية استوائه كما لا نعلم كيفية ذاته ، ولكن نعلم المعنى الذي دل عليه الخطاب فنعلم معنى الاستواء ولا نعلم كيفيته ، ونعلم معنى النزول ولا نعلم كيفيته ، ونعلم معنى السمع والبصر والعلم والقدرة ولا نعلم كيفية ذلك ، ونعلم معنى الرحمة والغضب والرضا والفرح والضحك ولا نعلم كيفية ذلك ( 8 ) .

* الأسباب التي أدت إلى ظهور مذهب التفويض :

1- الفهم الخاطئ لمذهب السلف : ومما ساعد على ذلك بعض العبارات المنقولة عنهم في شأن نصوص الصفات .

2- الأصول العقلية المستمدة من الفلسفة اليونانية .

3- دعوى الخوف على عقائد العوام (9) .

* ومما ساعد على ظهور هذه المقالة :

1- وقوع بعض الأئمة المشهورين فيها كالخطابي والبيهقي وأبي يعلى .

2- انحياز أحد أئمة التأويل وهو الجويني إلى التفويض في آخر حياته ظناً منه أن هذا هو مذهب السلف .

3- استفاضة نسبة التفويض إلى السلف ( 10 ) ،

وذلك في كثير من متأخري متكلمة الصفاتية كالأشاعرة ونحوهم الذين يقولون : إن مذهب السلف أسلم ومذهب الخلف أعلم وأحكم ، فقولهم عن مذهب السلف إنه أسلم يعنون به التفويض ،

وموجب هذه المقالة التي يحكيها كثير من متأخري الأشاعرة هو اعتقادهم انتفاء الصفات الفعلية في نفس الأمر ، وفي الجملة لديهم تعظيم للسلف ويرون ظاهر القرآن على إثباتها فقالوا : إن السلف كانوا ينفونها في نفس الأمر لكن موقفهم من الآيات هو التفويض ، فجوزوا الأمرين الإثبات على ظاهر اللفظ مع تفويض المعنى والكيفية أو التأويل وهو أرجح عندهم .


المصادر والمراجع:

(1) القاموس المحيط 651

(2) تهذيب الأسماء واللغات 1-75

(3) النظام الفريد 128

(4) مذهب أهل التفويض 18

(5) السابق 19

(6) مصطلحات في كتب العقائد 12

(7) الإعلام بمخالفات الموافقات والإعتصام 29

(8) الفتاوى 5 - 356

(9) مذهب أهل التفويض 33 - 36

(10) مصطلحات في كتب العقائد 12 .

وراجع مقالتي هذه في هذا الموقع:

==

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق